نظرية التطور المدني!!

للتو انتهيت من حوار شيق مع زميلي إبراهيم، هو شاب يصغرني بسنون قليلة ولكنه ومما استنتجت من كلامه أكبر من عمره بكثير. بدأ اللقاء على طاوة العشاء التي دعاني إليها مشكوراً على وعد مني برد جميله في القريب العاجل. تنقلنا من مواضيع متنوعة  إلى أن وجدنا أنفسنا نتحدث عن مواضيع تهمنا كجيل يعتبر هو القادم في الساحة بأمل في تحسين الأوضاع وبدء مرحلة بناء جديدة حتى إذا أتى أبناؤنا من بعدنا وجدوا مايستندون عليه لإتمام البناء. إبراهيم وأمثاله هم أمل الشعب في تحقيق التقدم والإزدهار بمعايير حديثة واستخدام العلم الذي تعلمناه لإفادة المجتمع ككل وليس فئة معينة أو شريحة محددة حتى إذا أفاق المجتمع يوماً على تطور ملموس وبناء مدروس نكون فخورين بما تعلمناه وتغربنا لأجله. أرى في جيلي والأجيال اللاحقة مالم أره في جيل والدي وإخوتي الكبار – وتلك طبيعة الحياة وديدنها- فأنا أرى أن مستوى النقاش تطور ومفهوم الحوار تبدل والنظرة التحليلة للأمور تغيرت بحيث ألمس بوادر مجتمع يهتم بما يفيد الجميع بدل أن يهتم بما يفيد شخصاً أو فئة محددة. لعل النبرة التفريقية  والأنانية لاتزال عند البعض من الجيل الجديد ولكن أتمنى أن نستطيع كأفراد واعيين مثقفين جربوا مجتمعات مختلفة وعاشوا في بيئات متعددة أن نعمل جاهدين على إزالة  هذه العقبات التي تقف حائلاً بين مجتمعنا وبين التطور المدني وتطبيق العلم واستخدامه في الرقي بأمة كانت ولاتزال خير الأمم ولكنها – وللأسف- تخلفت بمحض إرادتها عن ركب هي من أنشأه وأبدع فيه لسنين خلت. أتمنى أن أرى معيار النقاش ومساحة حرية التعبير تتوسع وتكبر في مجتمعنا وأتمنى أن أرى تطبيق مبدأ تقبل الرأي الآخر على أسسه يطبق بين شبابنا وشاباتنا لأنه إذا كان من الصعب تغيير من بلغ به العمر مرحلة لاتسمح بتغييره- ولو أن التغيير ليس له وقت وعمر محدد- فإنه من الأجدى العمل على النشء والعقول الشابة حتى لانحظى بنفس التجربة مرة أخرى.

بالتأكيد فإن التطور التقني والتكنولوجي الذي جعل الشخص من بيته في أقصى بقعة من العالم يعلم وفي نفس اللحظة بما يحدث في الطرف الآخر من الأرض له تأثير كبير في نظرية التطور المدني لأنه وبلا شك مادامت المعلومة متوفرة بدون تأخير أو تدليس فإن علة تباعد الأقطار واختلاف الأوقات قد زالت، وكذلك فإن استخدام هذه التقنيات يساعد في توسع مدارك المجتمع كأفراد ويرتقي بفكر الإنسان لمرحلة أعلى بحيث ماكان غامضاً في الماضي أصبح مفهوماً الآن باستخدام الإنترنت و الستالايت و الوسائل الأخرى المثيلة.

أتمنى من الأجيال القادمة أن توظف هذه ال”نعم” التي رزقنا إياها الله عز وجل التوظيف المثالي لتطوير المجتمع والرقي به حتى نحصل على ما افتقدناه في الأزمنة والأجيال السابقة.

شكراً إبراهيم على الحوار الشيق وأرجو أن نكون مخلصين فيما نقول لأن الأرض أرض الله والوطن وطن الجميع.

أضف تعليق